الـعيد

 

أحدهم يسير في الطريق، وعندما نظر إلى الأمام، رأى عن بعد البيت الذي يسكنه. تابع سيره وذهب إلى بيته، وعندما وصل، فتح الباب ودخل إلى بهو مزين للاحتفال بالعيد. ولهذا العيد جاء جميع الأشخاص المهمين في حياته. وكل واحدٍ يأتي، يحضر معه شيء، يبقى بعض الوقت ثم يذهب. وهكذا يأتون إلى العيد، كلٍ ومعه هدية دفع ثمنها الكامل. الأم، الأب، الأخوان والأخوات، الجد والجدة، الجد الآخر والجدة الأخرى، الأعمام والعمات، الأخوال والخالات، جميع مَنْ ترك مكان لغيره بسبب الموت، جميع مَنْ اعتنى به ورباه، الجيران، الأصدقاء، المعلم والمعلمة، الزوجة والأطفال، جميع مَنْ كانوا له مهمين في حياته ومازالوا مهمين. وكلٍ يأتي، يحضر معه شيئاً، يبقى بعض الوقت، ثم يذهب. مثل الأفكار، تأتي، تحضر معها شيئاً، تبقى قليلا، ثم تذهب.

وهكذا تأتي الأماني ويأتي الألم. يحضرون معهم شيئاً، ويبقوا بعض الوقت، ثم يذهبون.

وهكذا تأتي الحياة، تحضر معها شيئاً، تبقى بعض الوقت، ثم تذهب.

وبعد انتهاء العيد يظل الشخص وحده غني بالهدايا، ويبقى معه شخص آخر، مهم له أن يبقى بعض الوقت. يذهب هذا بدوره إلى النافذة، وينظر إلى الخارج، فيرى بيوت أخرى، ويدرك، في يومٍ ما سيكون هناك عيد، وهو سوف يذهب إلى ذلك العيد، يحضر معه شيئاً، يبقى بعض الوقت ثم سيذهب.

ونحن هنا أيضا في عيد. في هذه الدار، دار الحياة، أحضرنا معنا شيئاً، وأخذنا من الدنيا شيئاً، نبقى بعض الوقت ثم سنذهب.

 

الكمال

متي يستطيع الإنسان أن يقول لنفسه، أنا أصبحتُ كاملا ولستُ بحاجة إلي أكثر من ذلك؟

أريد أن أقول لكم شيئاً عن الشعور بالكمال، وكيف يمكن ضبطه وتعيره. يمكن ضبط شعور الكمال، إذا أصبح لكل فرد يتبع للنظام العائلي مكان في القلب. وهذا هو معنى الكمال. فقط من هذه الوفرة يصبح الفرد حرا وغنيا، ليستطيع متابعة سيرة وتطوره. وإذا نقص فرد واحد من الأفراد الذين ينتمون إلي النظام العائلي، ولم يكن لهذا الفرد مكانا في القلب، أو كان مرفوضا أو مكروها، فإن أفراد هذه العائلة لن يصلوا إلى الكمال.

 

الحب والاحترام

عندما ننظم ترتيب الأقارب، الذين لا نعرفهم والمتوفين منهم. والذين كانوا سر العائلة، ولم يذكرهم أو يتحدث عنهم أحد. لأنهم كانوا أو مازالوا عار للعائلة. عندما نعيد ترتيبهم ونرجع بهم إلي داخل قلوبنا، فهنا نشعر بالفرحة حتى لو تم ذلك بالخفية. فهذا هو الحل. أما لو أشفقنا عليهم عند النظر إلي قدرهم، فهنا نقوم باستباحة حق ليس من حقنا.

هناك فرق بين تأييد الشيء وتقدير الشيء ليس للتأييد هنا مكان. عندما نُؤيد شيئا، نتصرف وكأن عندنا الحق والقدرة على رفض الشيء. الذي هو كما هو.

التأييد: هو تأييد الأصل كما هو دون ندم ودون نوايا خفية. أما تقدير الشيء: فهو أن أؤيد وأقدرالشيء كما هو، وكذلك تقدير الشخص. هذا معناه: أنا أؤيده كما هو، وأؤيد قدرة كما هو، ثم أؤيد اشتباكه كما هو، وهذا فيه خضوع وتواضع. وهذا يحافظ على التقدير بين الأشخاص. وفي المحافظة على التحفظ والتقدير، تتواجد قوة مؤثرة خفية. والذي يتوافق مع القدر يكسب منه القوة لتحويله إلى الأفضل. أن هذه النقطة مهمة. حتى لا نخلط بين قدرنا وأقدار الآخرين.

 

الصلح عند الوضوح

عندما ينزل وينقص الشخص من قيمة نفسه، بالإماء أو بالإشارة إلى ذلك، فهذا فيه خسارة فقط. لأن الشخص يقول بذلك: "أرجوك أيدني، إنني صغير". ولكن هذا التصرف يغضب الآخر، لأنه يجبر على اتخاذ الموقف الأعلى، وتأخذ منه الحرية، ليصبح متساوياً مع المتساوون، وفي الدرجة نفسها. عندما تذهب السذاجة، فهنا يأتي الوضوح.

 

يومين قبل العيد

 

 

الوقفة

كثيرا من الناس يسارعون بين المتاجر والأسواق لشراء بعض الأشياء، أو بالأحرى يتسابقون في كسب البضاعة لأنفسهم. يسارعون من مكان إلي آخر وخلال سيرهم في الطريق، يصطدمون ببعض علي الأرصفة وفي الشوارع. ويزاحمون بعضهم وينافسون بعضهم البعض في التباهي بما حصلوا عليه في الأسواق، وكأنهم قاموا بغزو معين، وما تم شراءه هو غنائم ما غزوا. ـ هؤلاء هم الخاسرون.

غيرهم من الناس يتراجعون إلي الوراء، يسبحون ويحمدون شاكرين ما حصلوا عليه، حتى ولو كان شيئا ضئيلا جدا، راضيين بقدرهم وسعيدين بضحكة أولادهم. ـ هؤلاء هم الكاسبون.

غيرهم من الناس يمتلكون فائض من المال، ورغم ذلك هم قنوعين عزيزين النفس رحيمين في الصدقة سامحين الذنوب، مقدرين الفرد بذنوبه، يدخلون جميع أفراد عائلتهم إلي قلوبهم، حتى العاصيين والمذنبين منهم. ـ هؤلاء هم الكاملون.